قصيدة عراق إياك والاستسلام
رفعت راسي وحدقت
في السماء بجمود كئيب
فاعتلاني غم قريب
مشيت في دربي اقطع الطريق
بين الهمسات والضباب
فالغيوم متحدة متقاربة بشكل عجيب
فبدت لي وكأنها تخطط لمؤامرة
سألتها وقلت بصوت إنسان ضعيف
تائه في هذا الزمان العجيب
ما الذي تدبرين عندك يا غيوم ؟
فأجابتني بارتباك و ارتني مملكة
مضيئة مشتعلة بالجمال
فدمعت عيني دون وعي مني
ونطقت شفتي بعد عناء
العراق موطني وطني العراق
قد اعتلى منصة الاعدام الشباب
ونطق دهري بدمع غزير
فحينما تشحبُ غيومُ الصباح أمامي
أُعلِّقُ نفسي على حائطٍ من دماءِ أولادي
صورةً شوّهتها الأحزان مِراراً
وشجاراً على سلطة بالية
ووطن ينتهك قدامي
رأس جندك يا عراق
مرفوع كقامةٍ من نخيلِ
وقميصه المخضب بالدماء
قد ارتدته الدروبُ
على جَسدٍ في الفراتِ قتيلِ
على وطن ذبيح
عانى مرارة الحروب طوال سنين
ابكي على رايةً
خفاقة حمراء بدم الشهداء الثائر
وسيفاً مشتعل يكسر فورةِ المُستحيلِ
الغيومُ التي أمطرتني مِراراً
والغيومُ التي مزقنني تكرارا
ليس فيها عبير ببُقايا المطر
وليس الكلامُ الذي سطره الزمان كلامي
فلا الطريقُ يعرف هوية مغتالي
ولا نهر الفرات يعرف ثوار بلادي
ولا الدروبُ التي صيّرتني تُراباً دروب أبنائي
غيرً أنَّ الغيومَ تبقى غيومي
والنجومَ التي أنطفئت في الظلامِ تبقى نجومي
ولا الأقمار التي أطلت
بسمائي تعرف اسمي وعنواني
فعلى شُرفةٍ في مضاربِ عزلي
وجدت منفاي و كابوسي الأبدي
كابوس لا ينجلي باستيقاظي من أحلامي
وتجدد يومي يملأ أوهامي
فالغيوم التي بارحت سمائي
قد عادت لتتجمع أسقفا في دياري
مُثقَلاتٍ بمحّنةٍ من حَصارِ عراقي
والوجوهَ التي تركتنا
على أَسطُحِ الذكرياتِ عرايا
والأقدام التي خاضت النضال
أصبحتْ جُثّةً من رمادِ حريقي
والزمانَ الذي لم يُطِقْ خطوة لإكمال طريقي
فتجهم القمر واسودت ملامحه وغاب بريقي
ها أنا امشي بين جثث أصدقائي
أصلي وادعوا الله
وعسى أن يستجاب دعائي ودعوات رفيقي
أن تضاء سمائي وتنصر عراقي
من تأليف مجدولين